كشف الرئيس التنفيذي السابق لشركة Google، إريك شميدت، عن مخاوفه المتزايدة من تأثير الهواتف الذكية على التركيز، محذرًا من أن هذه الأجهزة، التي يفترض أن تيسر حياتنا، أصبحت تمثل تهديدًا مباشرًا لقدرتنا على التفكير العميق والإبداع المستقل، شميدت لم يكتفي بالتحذير، بل أطلق وصفًا جريئًا للوضع: "نحن في سباق مع التكنولوجيا، وإن لم نتحكم بها الآن، فستبتلعنا لاحقًا."

اقرأ أيضا.. إعادة ابتكار المسار المهني: خطوات عملية لإعادة اكتشاف ذاتك وتطوير مستقبلك المهني

 ماهو تأثير الهواتف الذكية على التركيز؟

من خلال مشاركته في ندوة بجامعة Northeastern الأميركية، أشار شميدت إلى أن الجيل الحالي، رغم تمتعه بإمكانيات معرفية غير مسبوقة، يعاني من تأثير الهواتف الذكية على التركيز بصورة تقلل من فرص التفكير المستقل فالإشعارات المتكررة، والانتقال المستمر بين تطبيق وآخر، جعلت من العقل مساحة مشوشة يصعب استقرارها.

لقد بات من الصعب على كثير من الباحثين الشباب، حسب شميدت، أن ينجزوا أبحاثًا معمقة أو أن يتوصلوا إلى أفكار مبتكرة دون الانقطاع كل بضع دقائق لمراجعة الهاتف.

التركيز ضحية اقتصاد الانتباه

يشرح شميدت أن السبب الجذري لهذا التشتت لا يكمن فقط في طبيعة الهاتف، بل في "اقتصاد الانتباه" الذي تبنى عليه معظم تطبيقات التواصل الاجتماعي، حيث صممت هذه التطبيقات لجذب العين، والتحكم بالانتباه لأطول فترة ممكنة، حتى وإن كان ذلك على حساب راحة المستخدم النفسية وقدرته على التفكير.

وبالتالي، فإن تأثير الهواتف الذكية على التركيز لا يظهر فقط في نتائج العمل أو الدراسة، بل في طريقة تشكيل الأفكار واتخاذ القرارات.

ما الحل؟

يرى شميدت أن الحل يبدأ من مبدأ بسيط لكنه ثوري: "الانفصال الذكي"، أي تخصيص أوقات محددة في اليوم يمنع فيها استخدام الهاتف تمامًا، ولو لبضع ساعات، بهدف استعادة القدرة على التركيز والتأمل.

واقترح تقنيات عملية مثل:

  • تخصيص وقت "خالي من الهواتف" خلال العمل أو الدراسة.

  • استخدام تطبيقات تقيد التنبيهات مؤقتًا.

  • تخصيص يوم في الأسبوع بدون شاشة رقمية.

هل يمكننا التعايش مع التكنولوجيا دون أن نفقد تركيزنا؟

إن الإجابة على هذا السؤال، كما يقول شميدت، لا تتطلب تقنيات جديدة، بل وعيًا جديدًا. فكل فرد مسؤول اليوم عن ترميم علاقته بالتكنولوجيا، ومع إدراك خطورة تأثير الهواتف الذكية على التركيز، يصبح واضحًا أن الخطوة الأولى نحو التغيير تبدأ من داخلنا.

الأسئلة الشائعة

هل يؤثر الهاتف الذكي فعلًا على قدرة الإنسان على التركيز؟

نعم، تؤكد الدراسات أن التنبيهات المستمرة، والتبديل المتكرر بين التطبيقات، يقللان من عمق الانتباه ويؤثران سلبًا على كفاءة الدماغ في معالجة المهام المعقدة.

ما هي أبرز أعراض تشتت التركيز بسبب الهاتف؟

  • صعوبة الاستمرار في قراءة طويلة.

  • الحاجة الدائمة لفحص الهاتف كل دقائق.

  • قلة الإبداع في العمل أو الدراسة.

  • التوتر عند الانفصال عن الهاتف.

هل يمكن استعادة التركيز بعد سنوات من الاعتماد على الهاتف؟

نعم، بالتدريب والانضباط يمكن للدماغ أن يستعيد قدراته، خاصة عند الالتزام بفترات منتظمة من الانفصال الرقمي والتأمل أو القراءة دون مقاطعة.

ما الفرق بين استخدام الهاتف بشكل صحي واستخدامه المشتت؟

الاستخدام الصحي يعني التحكم في الوقت والمحتوى والغرض، بينما الاستخدام المشتت يتميز بالفوضوية، والانخراط في التطبيقات دون هدف، والتنقل العشوائي بين المهام.

قد لا تكون التكنولوجيا عدوًا، لكنها ليست صديقًا صامتًا أيضًا، فإذا أردنا الحفاظ على ملكة التركيز، فلابد من الوقوف في مواجهة هذا الطوفان الرقمي، وكما قال شميدت: "الإنسان الذي لا يتحكم في هاتفه، سيفقد السيطرة على حياته."